ضرورة مخاطبة الازمة السودانية بالتركيز على حماية المدنيين
فكرة للدراسات والتنمية
ضرورة مخاطبة الازمة السودانية بالتركيز على حماية المدنيين
20 أكتوبر 2024
بينما يواجه السودان كارثة إنسانية ملحة تتطلب استجابة استراتيجية وشاملة وعاجلة، فان نهج الاستجابة الدولية لا يزال قاصراً ويعتمد على تجزئة الازمة والتعامل بطريقة تركز بشكل كبير على قضايا تقنية جزئية، متجاهلة الاحتياجات الإنسانية الملحة، وعلى رأسها حماية المدنيين. وهذا منهج خاطئ ومضلل الي حد كبير.
وتشير التطورات الأخيرة الي هذا النهج الخاطئ بشكل كبير. ففي منتصف أكتوبر، أصدرت مجموعة التحالف من إنقاذ الأرواح والسلام في السودان التي تكونت في جنيف بيانًا ركز على توسيع وصول المساعدات الإنسانية، والذي صدر متزامناً مع تقرير معهد الدراسات الإنسانية التابع لجامعة ييل ليكشف عن حجم الدمار الذي لحق بالمدنيين. فقد أكدت صور الأقمار الصناعية تدمير قوات الدعم السريع لـ 17 قرية في مناطق دار الزغاوة بشمال دارفور في الفترة بين 2 و12 أكتوبر/تشرين الأول 2024، ليصل إجمالي القرى المحروقة إلى 84 قرية منذ بداية الحرب. بالإضافة إلى ذلك، أفادت المنظمة الدولية للهجرة أن 1,000 أسرة قد تم اجبارها على النزوح بين 2 و3 أكتوبر 2024، بالإضافة الي 3,443 أسرة إضافية بين 3 و9 أكتوبر 2024، ليصل العدد الإجمالي للنازحين إلى أكثر من 4,400 أسرة في أقل من أسبوع.
إن التركيز على تقديم المساعدات الإنسانية، هو أمر ضروري بشكل لا شكل فيه ولكنه منفرداً يشبه ساقية جحا التي تدور بدون سقيا. ففي حين قد تساهم هذه المساعدات في تخفيف المعاناة آنيًا، إلا أنها لا تنجح وحدها في معالجة الازمة وربما تكون اشبه بخداع النفس. يجب على المجتمع الدولي أن يتجاوز هذه الحلول المخادعة للنفس وأن يركز على مخاطبة الأولوية الحقيقية، ألا وهي حماية المدنيين.
إننا ندعو جميع الجهات الفاعلة في المجتمع الدولي إلى:
- إعطاء الأولوية لحماية المدنيين: عبر جعل حماية المدنيين الهدف الأساسي في جميع الجهود الرامية إلى معالجة الأزمة السودانية والقضية الجوهرية للمناقشات حول الأزمة السودانية.
- مخاطبة جذور المعاناة المستمرة: وذلك عبر العمل من أجل التوصل إلى حل مباشرة واستراتيجي يعالج العوامل التي تؤدي الي استشراء العنف. ويشمل ذلك في المقام الأول قضية التدفق المتواصل للأسلحة والإمدادات من الأطراف الخارجية والدول الأجنبية إلى الأطراف المتحاربة.
- التوقف عن تجزئة الأزمة: عبر التركيز على القضية الأكثر الحاحاً وهي حماية المدنيين، بدلاً من الانزلاق في متاهات القضايا الفنية القابلة للتسييس. يجب ان يكون النقاش حول التدخلات العملية والقابلة للتنفيذ الفوري بشكل فعال هي محور التركيز.
- الاستمرار في دعم الجهود الإنسانية بتراتبية منطقية: رغم أهمية تقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين، إلا أنها تأتي في المرتبة الثانية بعد حماية أرواحهم. يجب أن تكون حماية المدنيين هي الأولوية القصوى، وأن تصاحبها جهود مستمرة لتقديم الإغاثة اللازمة.
يستحق الشعب السوداني مستقبلا خاليا من الصراع والبؤس والنزوح. إن إعطاء الأولوية لحماية المدنيين وضمان سلامتهم يمكن أن يساعد في خلق بيئة مواتية تتمتع بالدعم الشعبي تسمح بمعالجة الجذور الأساسية للنزاع. يمكن للمجتمع الدولي أن يساعد في خلق سودان أكثر استقرارا وأمنا للجميع من خلال اعتماد إطار منطقي يعطي الأولوية لحياة البشر قبل السياسة.
فكرة للدراسات والتنمية
تحميل المرفق