مجزرة ود النورة: ليسوا مجرد أرقام .. توثيق فظائع قوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة

Fikra for Studies and Development 

6 يونيو 2024
 
بالأمس، 5 يونيو 2024، شنت قوات الدعم السريع هجومًا عنيفًا وحشيًا على قرية ود النورة غربي منطقة المناقل في ولاية الجزيرة بالسودان. هاجمت قوات الدعم السريع القرية مرتين على مدار اليوم، بدأتهما بقصف مكثف باستخدام المدفعية الثقيلة، تلاه هجوم بري واسع النطاق على القرية من ثلاث اتجاهات.
 
ارتكبت قوات الدعم السريع مجزرة دموية خلال هذه الهجمات وصل عدد ضحاياها خلال يوم واحد إلى 156 شهيدًا تم حصرهم، ولا يزال الحصر جارياً، فيما تم حصر 220 جريحًا مصابًا بإصابات خطيرة. وعاودت قوات الدعم السريع اقتحام القرية صباح اليوم 6 يونيو 2024، وبسطت سيطرتها عليها ونشرت قواتها فيها.
 
لم تكن هذه هي المجزرة الوحيدة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة مؤخرًا، فعلى مدار الأسبوعين الماضيين، قامت قوات الدعم السريع بمهاجمة مناطق وقرى التكينة، الحوش، ود المنير، فداسي، المعيلق، عباس، وغيرها من المناطق في أرياف ولاية الجزيرة وارتكاب فظائع مماثلة. ويظهر جليًا أن الغرض الأساسي والدافع لقوات الدعم السريع من هذه الهجمات على القرى والمناطق التي تخلو من أي تواجد عسكري للجيش السوداني هو النهب وسلب الممتلكات.
 
تتزامن هذه الجرائم والمجازر التي ترتكبها قوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة مع هجماتها المستمرة للاستيلاء على مدينة الفاشر في ولاية شمال دارفور، منذ العاشر من مايو الماضي. وتشهد الفاشر ارتكاب فظائع مماثلة على يد قوات الدعم السريع سقط جراءها مئات القتلى من المدنيين ووصلت الانتهاكات إلى درجة محاولة تعطيش المدنيين بقطع إمداد المياه إلى المدينة وإحراق الملاجئ ومعسكرات النازحين حول المدينة.
 
إن استمرار قوات الدعم السريع في حملة الفظائع ضد المدنيين في السودان، واستمرار وضع الحصانة المؤسسية التي توفرها بعض الأطراف الخارجية والداخلية في التعامل مع الانتهاكات والجرائم التي يرتكبها جنود قوات الدعم السريع، عبر القبول بتبريرات الجرائم والانتهاكات التي يتم ارتكابها واستمرار التعامل معهم كفصيل سياسي طبيعي وبشكل عادي، هو أمر غير مقبول على الإطلاق ويوفر المناخ والمساحة لمواصلة ارتكاب هذه الانتهاكات.
 
هؤلاء الضحايا ليسوا مجرد أرقام يتم حصرها على دفاتر الشجب والإدانة، بل هم أرواح تزهق وأناس يتم انتهاك حقوقهم الطبيعية في الحياة والأمان والتملك.

فكرة للدراسات والتنمية تدعو جميع الأطراف الدولية والمحلية إلى أن تكون مجزرة ود النورة نقطة تحول فاصلة في التعامل مع الانتهاكات التي تحدث في السودان، وجرس إنذار ويقظة للتحرك لإدانة كل طرف يرتكبها بحجم ارتكابه لها، وتحميله كامل المسؤولية السياسية المؤسسية عما ترتكبه قواته، وإنهاء حالة الحصانة المؤسسية التي تمهد للإفلات من العقاب.
 
أي حديث عن تفاوض جديد دون وضع آليات واضحة لإنفاذ ما يتم الاتفاق عليه وقادرة على ترجمة الاتفاقات السابقة واللاحقة على أرض الواقع، خاصة فيما يتعلق بحماية المدنيين وضمان أمنهم وسلامتهم، لن يكون إلا هروبًا إلى الأمام ومحاولة لتوفير مخارج للمجرمين بشكل يشجعهم على ارتكاب المزيد من الجرائم والانتهاكات.
 
ندعو جميع الأطراف المحلية، والإقليمية، والدولية بشكل فوري إلى اعتماد الخطوات التالية:

  • إدانة المجزرة التي وقعت في قرية ود النورة في 5 يونيو 2024، وكافة الانتهاكات التي شهدتها ولاية الجزيرة منذ سقوطها في قبضة قوات الدعم السريع في ديسمبر من العام الماضي، وتسليط الضوء عليها.
  • توسيع نطاق عمل وولاية لجنة التحقيق الدولية التابعة لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والسماح لها بالوصول غير المشروط إلى جميع مناطق السودان للتحقيق في الانتهاكات التي تم ارتكابها خلال هذه الحرب.
  • أن يقوم الأمين العام للأمم المتحدة باستخدام صلاحياته وفقًا لنص المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة ودعوة مجلس الأمن الدولي إلى اجتماع عاجل لمناقشة الوضع في السودان وإصدار قرار ملزم تحت البند السابع بوقف إطلاق النار في السودان، يتم تنفيذه من قبل قوات الاستعداد الشرق افريقية وقوات مشتركة من جامعة الدول العربية.
  • إصدار عقوبات دولية صارمة على الدول التي تدعم استمرار الحرب في السودان وتمكن استمرار حدوث هذه الجرائم والانتهاكات في خرق فاضح لقرارات الشرعية الدولية، وعلى رأسها قرار مجلس الأمن 1591.

 
وإذ نترحم على أرواح المدنيين من ضحايا الحرب في السودان، ندعو جميع الأطراف الوطنية والإقليمية والدولية إلى تغيير منهج التراخي السياسي والمنافسة غير المجدية والتحرك بشكل عاجل وفاعل وحاسم لكي يكون شهداء قرية ود النورة هم آخر الضحايا في هذه الحرب.
 

فكرة للدراسات والتنمية 
٦ يونيو ٢٠٢٤