السودان، المجاعة منكورة – الهروب من الواقع غير معقول وغير مسؤول ورقة سياسات وتوصيات عملية للجهات الإنسانية السودانية والدولية
السودان، المجاعة منكورة - الهروب من الواقع غير معقول وغير مسؤول ورقة سياسات وتوصيات عملية للجهات الإنسانية السودانية والدولية
الخرطوم / القاهرة – 23 مارس 2025
أصدر مركز فكرة للدراسات والتنمية (FikraSD)، وهو مركز أبحاث سوداني مستقل يُعنى بتعزيز التحول الديمقراطي وبناء السلام والتنمية الشاملة، تقريرًا سياسيًا وتحليليًا جديدًا عن وضع المجاعة في السودان بعنوان: السودان، المجاعة منكورة – الهروب من الواقع غير معقول وغير مسؤول، ورقة سياسات وتوصيات عملية للجهات الإنسانية السودانية والدولية.
في ظل تصاعد مؤشرات المجاعة في السودان، وفي مواجهة الإنكار الرسمي والتقاعس الدولي، يرصد هذا التقرير جذور الأزمة الغذائية المتفاقمة في البلاد ويقدّم توصيات عملية للخروج من دائرة التجويع المنهجي والشلل الإنساني.
يشدد التقرير منذ مقدمته على أن المجاعة التي تضرب السودان اليوم ليست كارثة طبيعية أو نتيجة ظرف طارئ، بل نتيجة مباشرة لخيارات سياسية وعسكرية ممنهجة. ومع تجاوز عدد الجائعين 24 مليون مواطن سوداني، وتأكيد وقوع المجاعة فعليًا في معسكر زمزم بولاية شمال دارفور، حيث يتهدد الموت جوعًا قرابة مليون نازح، يوضح التقرير أن ما يجري هو نتيجة لاستخدام الجوع كسلاح، وغياب الاعتراف الرسمي، وتقاعس دولي.
يفضح التقرير استخدام قوات الدعم السريع للمجاعة كسلاح، من خلال النهب والتجويع والابتزاز، بموازاة عرقلة حكومية ممنهجة لوصول المساعدات. وينتقد التقرير الإصرار الحكومي على التهرب من الواقع بإنكار المجاعة كما ينتقد ازدواجية المعايير الدولية، لا سيما تجاه الدور الموثق للإمارات في تمويل وتسليح القوات المسؤولة عن الكارثة، في الوقت الذي تروّج فيه لنفسها كداعم إنساني، مما ساهم في صناعة ازمة الثقة في المساعدات الإنسانية الدولية وتغذية الشكوك باستخدامها ستاراً للتدخل العسكري.
ويحذر التقرير من انهيار النظام الإنساني العالمي، في ظل انسحاب كبرى الجهات المانحة وتقليص التمويل، ما يجعل من التعاون الفاعل مع الشركاء المحليين، وتحرير المساعدات من التسييس، أمرًا ضرورياً وحاسمًا.
يوكد التقرير على رسالة واضحة: الإنكار ليس سياسة رشيدة. تأخير الاعتراف بالمجاعة وتقييد إيصال المساعدات لا يساهمان إلا في حصد مزيد من الأرواح.
📌 أبرز التوصيات:
التقرير لا يكتفي بالتشخيص، بل يقدّم حزمة متكاملة من التوصيات السياسية والعملياتية إلى الحكومة السودانية والجهات الدولية الفاعلة، تدعو إلى:
- الاعتراف الرسمي بوجود المجاعة كمفتاح لأي استجابة فعّالة.
- إزالة القيود البيروقراطية وإنشاء آلية موحدة لتصاريح العمل الإنساني.
- فتح ممرات آمنة للمساعدات عبر خطوط النزاع، وتسهيل إصدار التأشيرات للعاملين في المجال الإنساني.
- دمج الفاعلين الزراعيين المحليين في الاستجابة، ودعم الإنتاج الغذائي الوطني.
- إعادة تعريف السيادة كمسؤولية أخلاقية لحماية الأرواح لا كذريعة لرفض المساعدات.
- وقف تسييس العمل الإنساني، ورفض تحويل المساعدات إلى أدوات نفوذ.
- محاسبة الأطراف المعطِّلة للمساعدات بحسب درجة وخطورة أفعالها.
- تجنب خلق هياكل موازية للخدمات العامة، وتعزيز مؤسسات الدولة المدنية القائمة.
- الانخراط الحقيقي مع الفاعلين السودانيين في التخطيط، والتنفيذ، وتعبئة الموارد.
- تبنّي شراكات عادلة مع المبادرات المحلية، والتخلي عن نموذج “المقاولة من الباطن”.